أخبار محلية مدارس جنوب لبنان.. عملية تعليمية معلّقة عند الحدود! بواسطة: admin September 15, 2025 11:22 am لا توجد تعليقات مدة القراءة: 1 دقائق شارك المقال: ينطلق العام الدراسي الجديد 2025-2026 في لبنان اليوم، غير أنّ المنشآت التربوية في قرى الجنوب الحدودية تبقى مستثناة من القرار الذي يشمل القطاع التعليمي الرسمي، وسط ما خلّفه الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المتواصلة.اليوم، 15 سبتمبر/ أيلول، تفتح المدارس الرسمية في لبنان أبوابها أمام التلاميذ، فيما يتخلّف أهل القرى الجنوبية الحدودية مع فلسطين المحتلة عن هذا الموعد، مرغمين. بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان ومضيّ الاحتلال باعتداءاته، لم تضع وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية حتى الآن خطة متكاملة لانطلاقة العام الدراسي الجديد في هذه القرى، فيما طرحت خيارات ثلاثة للمدارس المدمّرة: إمّا إيجاد مبانٍ أو مراكز مؤقّتة لاستقبال تلاميذها، وإمّا نقلهم إلى مدارس في قرى مجاورة، وإمّا اللجوء إلى ترميم جزئي حيث أمكن. ويفيد تقرير أعدّه البنك الدولي بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، بأنّ قيمة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية التعليمية نتيجة عدوان إسرائيل الأخير تُقَدَّر بنحو 151 مليون دولار أميركي، وهي تشمل المدارس والجامعات والمعاهد التقنية. ويغطّي التقرير الفترة الممتدة من الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى 20 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أي بعد أيام من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ (27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024)، مع العلم أنّ الخروقات الإسرائيلية متواصلة حتى يومنا وقد خلّفت أضراراً إضافية.ووفقاً للتقرير، فإنّ 25 مدرسة رسمية دُمّرت كلياً، فيما تعرّضت 120 أخرى لأضرار جزئية، بإجمالي يُقدَّر بنحو 51 مليون دولار. أمّا المدارس الخاصة، فأتت أضرارها أشدّ، إذ دُمّرت 34 مدرسة خاصة بالكامل، وتضرّرت 173 أخرى جزئياً، بإجمالي قُدّر بنحو 96 مليون دولار. كذلك لم تسلم مؤسّسات التعليم العالي ومراكز التعليم والتدريب المهني من الأضرار، وقد بلغت قيمة الأضرار فيها نحو 3.8 ملايين دولار.وتحاول البلديات في قرى جنوب لبنان الحدودية المضيّ قدماً في العمل لإطلاق العام الدراسي 2025-2026 في أقرب وقت ممكن، وقد عمل “مجلس الجنوب” على ترميم عدد من المدارس بالتعاون مع بلديات القرى، مثل ميس الجبل وعيترون وحولا وغيرها من القرى المجاورة، علماً أنّ ذلك يأتي في مبادرات مجتمعية تُسابق الوقت لكي يتمكّن تلاميذ القرى الحدودية من الالتحاق بصفوفهم قبل انتهاء شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.مجمّع تربوي مؤقت في ميس الجبلفي بلدة ميس الجبل من ضمن قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية جنوبي لبنان، لم يسلم قطاع التعليم بأكمله. فقد طاول الدمار الشامل مدارسها كلها؛ متوسطة ميس الجبل الرسمية، وثانوية الأستاذ محمد فلحة الرسمية، والمدرسة الابتدائية الرسمية. ويقول مدير ثانوية الأستاذ محمد فلحة الرسمية فرج زين بدران لـ”العربي الجديد” إنّ بلدية ميس الجبل و”مجلس الجنوب” واتحاد بلديات جبل عامل باشرت العمل على مشروع إنشاء مجمّع تربوي مؤقت في البلدة، وذلك على قطعة أرض تملكها البلدية في منطقة دوبيه، بمواكبة من الجيش اللبناني وبعثة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل (قوات حفظ السلام)، وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي والجهات المعنية.وكانت الأعمال في “مشروع تجمّع مدارس ميس الجبل المؤقت”، الذي يتألف من غرف جاهزة، قد انطلقت في نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي. ويشير بدران إلى أنّ “هذا المشروع يهدف إلى إعادة الحياة إلى ميس الجبل وإلى إنقاذ العام الدراسي بالنسبة إلى التلاميذ المقيمين في البلدة”، مضيفاً أنّه “سيجهز بنهاية شهر سبتمبر الجاري، لاستقبال التلاميذ الذين فقدوا مدارسهم كلها في البلدة نتيجة العدوان الأخير”. وتابع أنّه “يأتي في إطار تثبيت حقّ الجنوبيين في البقاء في أرضهم”.يُذكر أنّ رئيس بلدية ميس الجبل حبيب قبلان، أطلق مبادرة تسديد كامل الأقساط المدرسية لتلاميذ المدينة المسجّلين في المجمّع التربوي المؤقت، إلى جانب تأمين ما يلزم لدعمهم وتهيئة ظروف إنجاح عامهم الدراسي. وتفيد آخر البيانات المتوفّرة بأنّ نحو 600 عائلة عادت إلى ميس الجبل، وقد سُجّل في الثانوية نحو 100 تلميذ، فيما يراوح عدد المسجّلين في المدرسة الابتدائية ما بين 50 تلميذاً و60. أمّا التسجيل في المعهد الفني للبلدة، فسيُفتَح بابه اليوم. ويرى مدير ثانوية الأستاذ محمد فلحة الرسمية أنّ “الأعداد، على الرغم من تواضعها مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب، فإنّها تعكس إرادة الأهالي للصمود”.وفي ردّ على سؤال عن المخاوف الأمنية، ولا سيّما وسط الاستهدافات اليومية التي تطاول القرى الحدودية، إلى جانب الخشية من قصف المجمّع التربوي المؤقت أسوة بالاعتداءات التي طاولت عدداً من البيوت الجاهزة في القرى الجنوبية، يقول بدران إنّ “مشروع تنفيذ المجمّع التربوي المؤقت يأتي بالاتفاق مع الجيش اللبناني، بعد الحصول على موافقة اللجنة الخماسية وقوات اليونيفيل، وبالتالي تجري أعمال البناء تحت إشرافهم وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي”. يُذكر أنّ اللجنة الخماسية تُعنى بآلية تنفيذ وقف إطلاق النار ومراقبته، وهي تضمّ ممثّلين عن الجيش اللبناني وعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقوات اليونيفيل، بالإضافة إلى ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهما الدولتان الوسيطتان في اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي.وبعتب كبير، يلفت بدران إلى “دور وزارة التربية والتعليم العالي التي اكتفت بإعطاء موافقة، تُعَدّ شكلية، على البدء بأعمال المجمّع التربوي المؤقت، من دون تقديم أيّ دعم مالي أو لوجستي”. يضيف: “نأمل أن تزور وزيرة التربية ريما كرامي الجنوب والقرى الحدودية بنفسها، لا أن تكتفي بالتقارير الناقصة أو المشوّهة (التي تتلقاها). نحن نريدها أن ترى بأمّ عينها كيف أنّ المؤسسات التربوية هنا تصنع الحياة وسط الركام”. ويتابع: “كذلك نطالب بدعم استثنائي لمدارسنا، فهي ليست مثل غيرها، بل تقع عند الحافة الأمامية وتمثّل درعاً بشرياً في وجه مخطط التهجير”.في سياق متصل، تخبر المواطنة اللبنانية الجنوبية ليندا قاروط، التي أصرّت على تسجيل أولادها في المدرسة الثانوية بميس الجبل، أنّها عادت للاستقرار في البلدة بعد وقف إطلاق النار. وتؤكد لـ”العربي الجديد”: “لم أتردّد في إلحقاهم بمدرستهم، على الرغم من الوضع الأمني المتوتّر”، مشيرةً إلى أنّ “في خلال العامَين الماضيَين، وعندما كنّا نازحين، رفضت تسجيلهم في مدارس قريبة (من أماكن النزوح)، وأصررتُ على أن يتابعوا تعليمهم مع مدرستهم عن بُعد”. وتوضح قاروط أنّ الأهالي، على الرغم من إدراكهم صعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية، فإنّهم يتمسكون بوجودهم في البلدة، وتصف إنشاء المجمّع التربوي المؤقت بأنّه “تحدّ”.جنوبيون صامدون في عيترونفي بلدة عيترون من ضمن قضاء بنت جبيل بمحافظة النبطية جنوبي لبنان، يبدو حجم الدمار اللاحق بالمدرسة الرسمية أقلّ حدّة ممّا هو عليه في قرى أخرى. وقد اقتصرت الأضرار على نوافذ محطمة وزجاج مهشّم ودمار طاول أجزاءً ثانوية من مبنى. ويقول مدير مدرسة عيترون الثانوية صادق قطيش لـ”العربي الجديد” إنّ “أعمال الترميم التي ينفذها مجلس الجنوب شارفت على الانتهاء، وإنّه “في خلال عشرة أيام فقط ستكون المدرسة جاهزة لاستقبال التلاميذ”. ويرى أنّ واقع عيترون أفضل ممّا تعيشه جاراتها، فعدد لا بأس به من الأهالي عاد إلى البلدة.ويوضح قطيش أنّه “قبل الحرب (الإسرائيلية الأخيرة) كانت المدرسة تستقبل ما بين 100 تلميذ و120، وقد تابع نحو 90 تلميذاً منهم التعلّم فيها عن بُعد. ومع بدء عملية التسجيل أخيراً، وصل عدد التلاميذ الفعلي إلى 50 تلميذاً، مع توقّع ارتفاع عددهم بعد إطلاق مبادرة بلدية عيترون القاضية بمساهمة قيمتها 10 ملايين ليرة لبنانية لكلّ تلميذ من أجل التخفيف من الأعباء عنهم، فيتوجّب بالتالي على الأهل دفع ثلاثة ملايين ليرة فقط، رسوم تسجيل متبقية”. يضيف قطيش أنّ رئيس بلدية عيترون سليم مراد، أعلن توفير البلدية نقلاً مجانياً للتلاميذ، وكذلك تخصيص نقل لطلاب البلدة الذين يتابعون دراستهم في جامعات مدينتَي صور (محافظة لبنان الجنوبي) والنبطية.وعن التحديات التربوية التي تواجه مدرسة عيترون الثانوية، يقول مديرها إنّهم قد يضطرون إلى دمج عدد من الصفوف بسبب نقص في المدرّسين، خصوصاً في المواد الأدبية. يضيف قطيش: “على الرغم من ذلك، نحن نعمل للوصول إلى نحو 70 تلميذاً مسجّلاً، ووزارة التربية والتعليم العالي أعطتنا مرونة في هذا الموضوع”.مدرسة حولا مدمّرة ومحاولات للبقاء في جنوب لبنانوفي بلدة حولا من ضمن قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية جنوبي لبنان، انطلاقة العام الدراسي 2025-2026 معلّقة. وتصف مديرة المدرسة الرسمية في البلدة عتاب قاسم الوضع لـ”العربي الجديد” بأنّه “مأساوي”، وذلك بعدما تعرّض مبنى المدرسة لتدمير كامل في خلال الحرب، واضطرّت الإدارة إلى استحداث قسم بديل في مركز الرعاية الاجتماعية. وحتى كتابة هذا التقرير، لم يتجاوز عدد التلاميذ المسجّلين 50 تلميذاً، وهو رقم تراه قاسم مؤشراً خطراً، شارحةً أنّ “في حال بقاء العدد عند هذا الحدّ، فإنّ المدرسة مهدّدة بالإقفال، وبالتالي يُنقَل المدرّسون والتلاميذ إلى مدارس في قرى مجاورة”. لكنّ قاسم تشير إلى أنّ “أولياء أمور التلاميذ يواجهون صعوبة حتى في تسديد رسوم التسجيل الرمزية، وبالتالي هم عاجزون عن تحمّل تكاليف النقل إذا اضطر أبناؤهم إلى متابعة تعليمهم في خارج البلدة. وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، تأتي الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لتجعل الأهالي أكثر تردّداً في إرسال أولادهم إلى جارج البلدة”.وتبيّن مديرة المدرسة الرسمية في حولا أنّ منشأتها التربوية تفتقر إلى أدنى مقوّمات استكمال التعليم، لافتةً إلى أنّ البلدية وفّرت التجهيزات مع “مجلس الجنوب”، من دون أيّ دعم لوجستي من قبل وزارة التربية والتعليم العالي. تضيف قاسم: “نحن نحتاج كذلك إلى ألواح، وماكينة طباعة، وطاولات وكراسٍ… فلا تجهيزات لدينا على الإطلاق بعد تدمير المبنى”. وعن وضع المدرّسين، تقول قاسم إنّ “معظمهم يأتون من قرى أخرى، ويعيشون في حالة قلق دائمة بسبب الوضع الأمني، الأمر الذي يفاقم النقص في الكادر التعليمي، وخصوصاً في المواد الأساسية واللغات. وفي حال الاستعانة بمدرّسين متعاقدين، فإنّ الكلفة تقع على عاتق البلدية، إذ لا تتحمّل الحكومة أيّ مسؤولية في هذا الملف”.وعلى الرغم من الصورة القاتمة، تتمهّل قاسم قبل إعلان المدرسة متعثّرة رسمياً، وتعبّر عن أمل بزيادة عدد التلاميذ المسجّلين، إذا حصلت العائلات الأكثر فقراً على دعم مالي. وتؤكد أنّه “إن بقي العدد دون 50 تلميذاً، فإنّ المدرسة ستتوقّف. لكنّنا نعمل على تجهيز المركز بما أمكن، من فصل الباحات والحمامات وتأمين الحماية للتلاميذ، في انتظار بارقة أمل”. وهكذا، بين الركام والتهديدات الإسرائيلية اليومية، تتحوّل العملية التعليمية في جنوب لبنان إلى معركة صمود مستجدّة. العربي الجديد ــ صفاء عيّاد admin كاتب في Online News LB